الجمعة، 14 نوفمبر 2014

الباب الثالث: في آداب الحمام وما يتعلق به

الباب الثالث
في آداب الحمام وما يتعلق به، وفيه ستة فصول:
الفصل الاول
في كيفية دخول الحمام
من كتاب من لا يحضره الفقيه عن محمد بن حمران قال: قال الصادق (عليه السلام): إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع فيه ثيابك: " اللهم انزع عني ربقة النفاق وثبتني على الايمان ". وإذا دخلت البيت الاول فقل: " اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي وأستعيذ بك من آذاه ". وإذا دخلت البيت الثاني فقل: " اللهم أذهب عني الرجس النجس وطهر جسدي وقلبي "، وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك وصب منه على رجليك وإن أمكن أن تبلغ منه جرعة فافعل، فإنه ينقي المثانة، والبث في البيت الثاني ساعة، وإذا دخلت البيت الثالث فقل: " نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة " ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار. وإياك وشرب الماء البارد والفقاع (1) في الحمام، فإنه يفسد المعدة. ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن. وصب الماء البارد على قدميك إذا خرجت، فإنه يسل الداء من جسدك، فإذا [ خرجت من الحمام ] ولبست ثيابك فقل: " اللهم ألبسني التقوى وجنبني الردى "، فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء. ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم ترد به الصوت إذا كان عليك مئزر.
وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أكان أمير المؤمنين (عليه السلام) ينهى عن قراءة القرآن في الحمام ؟ فقال: لا، إنما نهى أن يقرأ الرجل وهو عريان، فإذا كان عليه ازار فلا بأس.
ـــــــــــــــ
(1) إن الفقاع، وإن كان حراما في كل حال، إلا أنه (عليه السلام) أكد حرمة شربه في الحمام.
[ 52 ]
قال علي بن يقطين للكاظم (عليه السلام): أقرأ في الحمام وأنكح ؟ قال: لا بأس.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): نعم البيت الحمام، تذكر فيه النار ويذهب بالدرن. وقال (عليه السلام): بئس البيت الحمام يهتك الستر ويذهب بالحياء. وقال الصادق (عليه السلام): بئس البيت بيت الحمام يهتك الستر ويبدي العورة. ونعم البيت بيت الحمام يذكر حر جهنم. ومن الادب أن لا يدخل الرجل ولده معه الحمام فينظر إلى عورته.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يبعث بحليلته إلى الحمام. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أنهى نساء أمتي عن دخول الحمام.
وقال الكاظم (عليه السلام): لا تدخلوا الحمام على الريق ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا.
من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تدخل الحمام إلا وفي جوفك شئ يطفئ عنك وهج المعدة (1) وهو أقوى للبدن ولا تدخله وأنت ممتلئ من الطعام.
وعنه (عليه السلام) قال: لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمام إذا كان يريد به وجه الله ولا يريد أن ينظر كيف صوته.
وعن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فقلت: أيتجرد الرجل عند صب الماء ويرى عورته الناس، أو يصب عليه الماء، أو يرى هو عورة الناس ؟ فقال: كان أبي يكره ذلك من كل أحد.
وقال الصادق (عليه السلام): لا يستلقين أحد في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين.
وقال بعضهم: خرج الصادق (عليه السلام) من الحمام فلبس وتعمم، فقال: فما تركت العمامة عند خروجي من الحمام في الشتاء والصيف.
وقال موسى بن جعفر: الحمام يوم ويوم لا، يكثر اللحم وإدمانه كل يوم يذيب شحم الكليتين.
وقال عبد الرحمن بن مسلم: كنت في الحمام في البيت الاوسط، فدخل أبوالحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وعليه إزار فوق النورة فقال: السلام عليكم، فرددت عليه
ـــــــــــــــ
(1) الوهج أصله اتقاد النار واشتداد حره. والمراد به هنا تسكين اشتداد حرارة المعدة
[ 53 ]
ودخلت البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت وخرجت.
عن الرضا (عليه السلام) قال: من غسل رجليه بعد خروجه من الحمام فلا بأس، وإن لم يغسلهما فلا بأس.
وخرج الحسن بن علي (عليه السلام) من الحمام فقال له رجل: طاب استحمامك، فقال: يا لكع (1) وما تصنع بالاست ههنا ؟ قال: فطاب حمامك. قال: إذا طاب الحمام فما راحة البدن ؟ قال: فطاب حميمك. قال: ويحك أما علمت أن الحميم العرق ؟ قال: فكيف أقول ؟ قال: قل: طاب ما طهر منك وطهر ما طاب منك.
قال الصادق (عليه السلام): إذا قال لك أخوك وقد خرجت من الحمام: طاب حمامك فقل له: أنعم الله بالك.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الداء ثلاثة والدواء ثلاثة، فأما الداء فالدم والمرة والبلغم، فدواء الدم الحجامة ودواء البلغم الحمام ودواء المرة المشي (2).
وقال الصادق (عليه السلام): ثلاثة يسمن وثلاثة يهزلن، فأما التي يسمن فإدمان الحمام وشم الرائحة الطيبة ولبس الثياب اللينة، وأما التي يهزلن فإدمان أكل البيض والسمك والضلع (3) يعني بإدمان الحمام انه يوم ويوم لا، فإنه إن دخل كل يوم نقص من لحمه.
عن الباقر (عليه السلام) قال: ماء الحمام لا بأس به إذا كان له مادة (4).
عن داود بن سرحان قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في ماء الحمام ؟ قال: هو بمنزلة الماء الجاري.
عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره أفأغتسل من مائه ؟ قال: نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب، ولقد اغتسلت
ـــــــــــــــ
(1) اللكع كالصرد: اللئيم والعبد والاحمق. والاست: الاساس والاصل والسافلة، والمراد هنا القبل والدبر.
(2) المرة ـ بالكسر فالتشديد ـ: خلط من أخلاط البدن كالصفراء والسوداء.
(3) الضلع: امتلاء البطن شبعا أو ريا حتى يضلع أضلاعه.
(4) المراد إن ماء الحمام طاهر لا ينجسه شئ إذا كان له منبع.
[ 54 ]
 فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلا مما التزق بهما من التراب.
عن زرارة قال: رأيت الباقر (عليه السلام) يخرج من الحمام، فيمضي كما هو لا يغسل رجله حتى يصلي.
عن الصادق (عليه السلام): اغسلوا أرجلكم بعد خروجكم من الحمام فإنه يذهب بالشقيقة، فإذا خرجتم فتعمموا.
عن محمد بن موسى عن الباقر والصادق عليهما السلام قال: إذا خرجنا من الحمام خرجنا متعممين شتاء [ كان أو ] صيفا، وكانا يقولان: هو أمان من الصداع.
وروي: إذا دخل أحدكم الحمام وهاجت به الحرارة فليصب عليه الماء البارد ليسكن به الحرارة.
ومن كتاب طب الائمة عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء واحتجموا يوم الاربعاء وأصيبوا من الحمام حاجتكم يوم الخميس وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة.
من كتاب الخصال عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء، واستحموا يوم الاربعاء، وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس، وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة.
ومن كتاب اللباس عن سعدان بن مسلم قال: دخل علينا أبوالحسن الاول (عليه السلام) الحمام ونحن فيه، فسلم، قال: فقمت أنا فاغتسلت وخرجت.
عن حنان بن سدير عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حمام المدينة فإذا رجل في المسلخ فقال: ممن القوم ؟ فقلنا: من أهل العراق، قال: من أي العراق ؟ فقلنا: من أهل الكوفة، قال: مرحبا [ وسهلا ] وأهلا يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار (1)، ثم قال: ما يمنعكم من الازار ؟ فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: عورة المسلم على المسلم حرام، قال: فبعث عمي من أتى له بكرباسة فشقها أربعة، ثم أخذ كل واحد منا واحدة فاتزر بها، فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الشيخ فإذا هو علي بن الحسين (عليه السلام) وابنه محمد الباقر (عليه السلام) معه.
ـــــــــــــــ
(1) الشعار ـ بالكسر ـ: ما يلي شعر الجسد من اللباس. والدثار ـ بالكسر ـ: ما يتدثر به الانسان من كساء.
[ 55 ]
الفصل الثاني
في ستر العورة
من كتاب من لا يحضره الفقيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر. ونهى عن دخول الانهار إلا بمئزر، وقال: إن للماء أهلا وسكانا.
عن أبي عبد الله عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: إذا تعرى أحدكم نظر إليه الشيطان فطمع فيه، فاتزروا.
وعنه (عليه السلام): نهى أن يدخل الرجل الحمام إلا بمئزر.
وعن الباقر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال: قيل له: إن سعيد بن عبد الملك يدخل بجواريه الحمام. قال: لا بأس به إذا كان عليه وعليهن الازار ولا يكونون عراة كالحمر ينظر بعضهم إلى سوءة بعض (1).
وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إنما أكره النظر إلى عورة المسلم، فأما النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار.
وعنه (عليه السلام) قال: لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه، فإذا كان مخالفا له فلا شئ عليه في الحمام.
وعنه (عليه السلام) قال: الفخذ ليس بعورة.
عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يغتسل الرجل بارزا ؟ فقال: إذا لم يره أحد فلا بأس.
من تهذيب الاحكام عن حذيفة بن منصور قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) شئ يقوله الناس: عورة المؤمن على المؤمن حرام، فقال: ليس حيث تذهب إنما عنى عورة المؤمن أن يزل زلة، أو يتكلم بشئ يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيره به يوما.
ـــــــــــــــ
(1) الحمر جمع الحمار. والسوءة بالفتح: العورة.
[ 56 ]
عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن عورة المؤمن أهي حرام ؟ قال: نعم، [ ف ] قلت: أعني سفليه، فقال: ليس حيث تذهب، إنما هو إذاعة سره.
عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال: ليس أن يكشف فترى منه شيئا إنما هو أن تزري عليه (1) أو تعيبه.
الفصل الثالث
في التدلك بالخزف والزيت والدقيق وغير ذلك
من كتاب من لا يحضره الفقيه عن علي (عليه السلام) قال: لا يستلقين أحدكم في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين. ولا يدلكن رجله بالخزف فإنه يورث الجذام.
وقال الصادق (عليه السلام): لا تدلكن بالخزف فإنه يورث البرص، ولا تمسح وجهك بالازار فإنه يذهب بماء الوجه. وروي أن ذلك طين مصر وخزف الشام.
وقال (عليه السلام): إياكم والخزف فإنه يبلي الجسد [ و ] عليكم بالحزق (2).
عن الرضا (عليه السلام) قال: لا بأس أن يتدلك الرجل في الحمام بالسويق والدقيق والنخالة، ولا بأس أن يتدلك بالدقيق الملتوت بالزيت. وليس فيما ينفع البدن إسراف، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضر بالبدن.
وقال الصادق (عليه السلام): لا بأس أن يمس الرجل الخلوق (3) في الحمام، يمسح به يده من شقاق يداويه ولا يستحب إدمانه ولا أن يرى أثره عليه.
ومن كتاب اللباس عن أبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يطلي بالنورة فيتدلك بالزيت والدقيق، قال: لا بأس.
عن أبي السفاتج، عن بعض أصحابه أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: إنا
ـــــــــــــــ
(1) يقال: أزرى عليه عمله أي عاتبه أو عابه عليه.
(2) يقال: حزق الشئ حزقا أي شده وضغطه وعصره.
(3) الخلوق: ضرب من الطيب يتخلق به، قيل: هو مائع وفيه صفرة وأعظم أجزائه الزعفران.
[ 57 ]
نكون في طريق مكة فنريد الاحرام، فلا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة، فنتدلك بالدقيق فيدخلني من ذلك ما الله به أعلم، قال (عليه السلام): مخافة الاسراف ؟ قلت: نعم، قال: ليس فيما أصلح البدن إسراف، إني ربما أمرت بالنقي فيلت (1) بالزيت فأتدلك به، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضر بالبدن، قلت: فما الاقتار ؟ قال: أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره، قلت: فالقصد ؟ قال: الخبز واللحم واللبن والزيت والسمن مرة ذا ومرة ذا.
وعن أبي الحسن (عليه السلام) أنه سئل عن الرجل يطلي بالنورة فيجعل الدقيق يلته به ويتمسخ به بعد النورة ليقطع ريحها ؟ قال: لا بأس.
الفصل الرابع
في حلق الرأس والعانة والابط
من كتاب من لا يحضره الفقيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل: احلق فإنه يزيد في جمالك.
قال الصادق (عليه السلام): حلق الرأس في غير [ ال ] حج و [ الع ] مرة مثله لاعدائكم وجمال لكم، ثم قال إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وعلامتهم التسبيد وهو الحق وترك التدهن.
ومن كتاب نوادر الحكمة عن الصادق عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: لا تحلقوا الصبيان القزع (2).
ومن تهذيب الاحكام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بصبي [ ل ] يدعو له وله قنازع (3) فأبى أن يدعو له وأمر بحلق رأسه. وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحلق شعر البطن. قال النوفلي: القزع أن تحلق موضعا وتترك موضعا.
وعن الباقر (عليه السلام) قال: ختن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن والحسين عليهما السلام
ـــــــــــــــ
(1) يقال لت الشئ أي بله وخلطه بشئ من ماء او السمن، او غير ذلك.
(2) القزع محركة: أخذ بعض الشعر وترك بعضه غير محلوقة تشبيها بقزع السحاب.
(3) القنازع: جمع قنزعة وهي الشعر حول الرأس. والفضلة من الشعر تترك على رأس الصبي أيضا.
[ 58 ]
لسبعة أيام، وحلق رؤسهما وتصدق بزنة الشعر فضة، وعق عنهما وأعطى القابلة طرائف.
وروي إذا أراد أن يحلق رأسه فليبدأ من الناصية إلى العظمين وليقل: " بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة " فإذا فرغ فليقل: " أللهم زيني بالتقوى وجنبني الردى ".
ومن كتاب طب الائمة عن الصادق (عليه السلام): التنظف بالموسى في كل سبع، وبالنورة في كل خمسة عشر يوما.
ومن كتاب اللباس قال الرضا (عليه السلام): ثلاث من عرفهن لم يدعهن: إحفاء الشعر ونكاح الاماء، وتشمير الثوب. وعنه (عليه السلام) قال: ثلاث من سنن المرسلين: التعطر، وإحفاء الشعر، وكثرة الطروقة يعني الجماع.
وعن عمرو بن عثمان، عمن حدثه عن الرضا (عليه السلام) قال: قلنا له: إن الناس يزعمون أن كل حلق في غير منى مثلة، فقال: سبحان الله كان أبوالحسن ـ يعني أباه ـ يرجع من الحج فيأتي بعض ضياعه فلا يدخل المدينة حتى يحلق رأسه.
وسئل الصادق (عليه السلام) عن إطالة الشعر، [ ف ] قال: كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مقصرين ـ يعني الطم (1) ـ.
وعنه (عليه السلام) قال: أخذ الشعر من الانف يحسن الوجه.
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يترك عانته فوق أربعين يوما ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تدع ذلك منها فوق عشرين يوما. وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يترك عانته أكثر من اسبوع ولا يترك النورة أكثر من شهر من ترك أكثر منه فلا صلاة له (2) وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): احلقوا شعر البطن ـ الذكر والانثى ـ.
عن الصادق (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى قال لابراهيم (عليه السلام) تطهر،
ـــــــــــــــ
(1) طم الشعر: جزه أو عقصه.
(2) المراد به: الصلاة التام.
[ 59 ]
فحلق عانته. وكان (عليه السلام): يطلي إبطيه في الحمام ويقول: نتف الابط يضعف المنكبين ويوهي ويضعف البصر (1). وقال: حلقه أفضل من نتفه وطليه أفضل من حلقه.
وفي رواية زرارة عن (عليه السلام) قال: نتفه أفضل من حلقه وطليه أفضل منهما.
وقال علي (عليه السلام): نتف الابط ينفي الرائحة المكروهة وهو طهور وسنة مما أمر به الطيب أبوالقاسم عليه وعلى آله السلام.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يطولن أحدكم شعر إبطه، فإن الشيطان يتخذه مخبأ يستتر به والجنب لا بأس أن يطلي، لان النورة تزيد نظافة.
عن الصادق (عليه السلام) قال: كان بين نوح وإبراهيم عليهما السلام ألف سنة وكانت شريعة إبراهيم بالتوحيد والاخلاص وخلع الانداد وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وهي الحنيفية وأخذ عليه ميثاقه [ و ] أن لا يعبد إلا الله ولا يشرك به شيئا قال: وأمره بالصلاة والامر والنهي ولم يحكم عليه أحكام فرض المواريث وزاده في الحنيفية الختان وقص الشارب ونتف الابط وتقليم الاظفار وحلق العانة. وأمره ببناء البيت والحج والمناسك فهذه كلها شريعته (عليه السلام).
وعنه (عليه السلام) قال: قال الله لابراهيم (عليه السلام): تطهر فأخذ شاربه، ثم قال: تطهر فنتف إبطه، ثم قال: تطهر فقلم أظفاره، ثم قال: تطهر فحلق عانته، ثم قال: تطهر فاختتن.
الفصل الخامس
في غسل الرأس بالخطمي والسدر
من كتاب من لا يحضره الفقيه، قال الصادق (عليه السلام): غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص والجنون. وقال (عليه السلام): غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق. وفي خبر آخر قال: غسل الرأس بالخطمي نشرة (2).
ـــــــــــــــ
(1) النتف: النزع. والوهي: الشق والكسر والضعف، يقال: وهي الثوب أي بلي وانشق واسترخى رباطه. وكذلك الحائط والقربة والحبل ويتعدى بالهمزة.
(2) النشرة: رقية تعالج بها المجنون والمريض.
[ 60 ]
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): غسل الرأس بالخطمي يذهب بالدرن وينفي الاقذار وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اغتم، فأمره جبريل (عليه السلام) فغسل رأسه بالسدر وكان ذلك سدرا من سدرة المنتهى.
وقال أبوالحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلبا. وقال الصادق (عليه السلام): اغسلوا رؤسكم بورق السدر، فإنه قدسه كل ملك مقرب ونبي مرسل، ومن غسل رأسه بورق السدر صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما، ومن صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص الله ومن لم يعص الله دخل الجنة.
ومن تهذيب الاحكام، عنه (عليه السلام) قال: من أخذ شاربه، وقلم أظفاره، وغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمة (1).
ومن طب الائمة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لاصحابه: غسل الرأس بالخطمي يذهب بالدرن وينفي الدواب (2).
عن جابر الجعفي قال: شكوت إلى أبي جعفر (عليه السلام) حزازا (3) في رأسي، فقال: دق الآس واستخرج ماءه واضربه بخل خمر أجود ما تقدر عليه ضربا شديدا حتى يزبد، ثم اغسل به رأسك ولحيتك بكل قوة لك، ثم ادهنه بعد ذلك بدهن شيرج (4) طري تبرأ إن شاء الله.
الفصل السادس
في الاطلاء بالنورة
من كتاب من لايحضره الفقيه، قال الصادق (عليه السلام): من أراد أن يتنور فليأخذ
ـــــــــــــــ
(1) النسمة: المملوك ذكرا كان أو أنثى.
(2) الدرن: الوسخ. والدواب جمع الدابة. والمراد هنا الحيوانات الصغار التي يتولد من البشرة تحت القميص في بعض الابدان.
(3) حراز الرأس: القشرة التي تتساقط من الرأس، وقد يستعمل لداء يظهر في الجسد فيتقشر ويتسع.
(4) الشيرج: دهن السمسم، وربما قيل للدهن الابيض وللعصير قبل أن يتغير.
[ 61 ]
من النورة ويجعله على طرف أنفه ويقول: " أللهم ارحم سليمان بن داود (عليه السلام) كما أمر بالنورة " فإنه لا تحرقه إن شاء الله تعالى.
وروي أن من جلس وهو متنور خيف عليه الفتق.
من كتاب المحاسن عن الحكم بن عيينة قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) وقد أخذ الحناء وجعله على أظافيره، فقال: يا حكم ما تقول في هذا ؟ فقلت: ما عسيت أن أقول فيه وأنت تفعله وإنما عندنا يفعله الشاب فقال: يا حكم إن الاظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتى تشبه أظافير الموتى فلا بأس بتغيرها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أطلى واختضب بالحناء أمنه الله من ثلاث خصال: الجذام والبرص والاكلة إلى طلية مثلها.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ينبغي الرجل أن يتوفى النورة يوم الاربعاء فإنه نحس مستمر، وتجوز النورة في سائر الايام. وروي أنها في يوم الجمعة تورث البرص. عن الرضا (عليه السلام) من تنور يوم الجمعة فأصابه البرص فلا يلومن إلا نفسه.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أطلى واختضب بالحناء أمنه الله من ثلاث خصال: الجذام والبرص والاكلة إلى طلية مثلها.
وقال الصادق (عليه السلام): الحناء على أثر النورة أمان من الجذام والبرص.
من الروضة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خمس خصال تورث البرص: النورة يوم الجمعة ويوم الاربعاء، والتوضؤ والاغتسال بالماء الذي تسخنه الشمس، والاكل على الجنابة وغشيان (1) المرأة في حيضها، والاكل على الشبع.
عن الرضا (عليه السلام) قال: ألقوا الشعر عنكم فإنه يحسن.
من كتاب المحاسن روي: أن من أطلى فتدلك بالحناء من قرنه إلى قدمه نفى الله عنه الفقر.
من كتاب اللباس عن الصادق (عليه السلام): أنه كان يطلي في الحمام فإذا بلغ موضع
ـــــــــــــــ
(1) الغشيان ـ بالكسر ـ الاتيان.
[ 62 ]
العانة قال للذي يطليه تنح، ثم طلى هو ذلك الموضع.
وعنه (عليه السلام): أنه كان يدخل فيطلي إبطه وحده إذا احتاج إلى ذلك، ثم يخرج:
وعنه (عليه السلام) أيضا: ربما طلى بعض مواليه جسده كله.
روى الارقط (1) عنه (عليه السلام) قال: أتيته في حاجة فأصبته في الحمام، فذكرت له حاجتي، فقال: ألا تطلي ؟ قلت: إنما عهدي به أول من أمس، قال: أطل فإنما النورة طهور.
وعنه (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) إذا أطلى تولى عانته بيده.
عن ليث المرادي قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن الجنب يطلي ؟ قال: لا بأس به.
عن الرضا (عليه السلام) قال: أربع من أخلاق الانبياء: التطيب والتنظيف بالموسى وحلق الجسد بالنورة، وكثرة الطروقة.
ـــــــــــــــ
(1) هارون بن حكيم الارقط هو خال أبي عبد الله الصادق (عليه السلام).
[ 63 ]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق